{قل يا قوم اعملوا على مكانتكم} على حالاتكم التي أنتم عليها {إني عامل} على مكانتي، وهذا أمرُ تهديدٍ. يقول: اعملوا ما أنتم عاملون، إنِّي عاملٌ ما أنا عاملٌ {فسوف تعلمون مَنْ تكون له عاقبة الدار} أيُّنا تكون له الجنَّة {إنه لا يفلح الظالمون} لا يسعد مَنْ كفر بالله وأشرك بالله.{وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام} كان المشركون يجعلون لله من حروثهم وأنعامهم وثمارهم {نصيباً} وللأوثان نصيباً، فما كان للصَّنم أُنْفِقَ عليه، وما كان لله أُطعم الضِّيفان والمساكين، فما سقط ممَّا جعلوه لله في نصيب الأوثان تركوه، وقالوا: إنَّ الله غنيٌّ عن هذا، وإن سقط ممَّا جعلوه للأوثان من نصيب الله التقطوه وردُّوه إلى نصيب الصَّنم، وقالوا: إنَّه فقير، فذلك قوله: {فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم} ثمَّ ذمَّ فعلهم فقال: {ساء ما يحكمون} أَيْ: ساء الحكم حكمهم حيث صرفوا ما جعلوه لله على جهة التَّبرُّز إلى الأوثان.{وكذلك} ومثل ذلك الفعل القبيح {زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} يعني: الشَّياطين أمروهم بأن يئدوا أولادهم خشية العَيْلَة {ليردوهم} ليهلكوهم في النَّار {وليلبسوا عليهم دينهم} ليخلطوا ويُدخلوا عليهم الشَّكَّ في دينهم، ثمَّ أخبر أنَّ جميع ما فعلوه كان بمشيئته، فقال: {ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون} من أنَّ لله شريكاً.{وقالوا هذه أنعام وحرث حجر} حرَّموا أنعاماً وحرثاً، وجعلوها لأصنامهم، فقالوا: {لا يطعمها إلاَّ مَنْ نشاء بزعمهم} أعلم الله سبحانه أنَّ هذا التَّحريم كذبٌ من جهتهم {وأنعام حرّمت ظهورها} كالسَّائبة والبحيرة والحامي {وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها} يقتلونها لآلهتهم خنقاً، أو وقذاً {افتراءً عليه} أَيْ: يفعلون ذلك للافتراء على الله، وهو أنَّهم زعموا أنَّ الله أمرهم بذلك.